جاء هذا الكتاب ” مدخل لدراسة الفكر الاسلامي” ليوضح أن الفكر، والتَّفكير، والتَّفكُّر، والتَّدبُّر، والتَّذكُّر،… مفاهيمُ أساسية رافقت الوجود الإنساني، منذ بدء الخليقة، وسوف تبقى معه إلى نهايتها، دون أن تثبت مادتها وموضوعاتها ومستوياتها عند حد معين، في حياة الفرد البشري أو الجيل البشري. فكيف يمكن لكتاب أن يستقصي ذلك؟!هذا الكتاب إذاً، مدخل إلى الفكر وحسب؛ مدخل في مفاهيمه ومستوياته وخرائطه… تضمن تجوالاً فكرياً: في موضوع الفكر؛ وفي مصادره في الأصول والتراث والخبرة المعاصرة، وموضوعاته، وأدواته، ونصيب أصناف أهله منه، والمؤسسات المتخصصة فيه، وعلاقته بالعلم جملة، وبالعلوم النفسية والتربوية والاجتماعية واللغوية والسياسية…وهو كذلك مدخل إلى عملية البناء الفكري؛ كيف تبدأ، ثم تتواصل مرحلة بعد أخرى؟ وكيف تترقى من مستوى إلى آخر؟ وكيف تتنوع في المحتوى الذي تبنيه؟وهو قبل ذلك وبعده، أسئلة كثيرة، وإجابات قليلة؛ فقيمةُ التَّفكُّر في إثارة الأسئلة لا تقلُّ عن التفكر في البحث عن إجاباتها، وبعض الإجابات عارضة مؤقتة، تتغير وتتعمق مع مزيد من الفكْر والذِّكْر، والتَّفكُّر والتَّذكُّر.قد يجد القارئ في الكتاب بعض مواطن المتعة والطرافة، لكنه سوف يجد كذلك مواطن كثيرة تضطره إلى التَّفكُّر والتَّدبُّر، فإذا نجح الكتاب في الأمرين، فذلك ما كان يهدف إليه!ويساعد هذا الكتاب في التفكير على ان المتأمل في الوضع الإسلامي اليوم من حيث منهجية التفكير التي عليها المسلمون يدرك بحق أن الأزمة التي تعانيها الأمة الإسلامية هي في قدر كبير منها أزمة فكرية تتمثل في عطالة الفكر الإسلامي عن إنتاج سبل التنمية، وعطالته بالتالي عن إحداث النهضة؛ ذلك أن الفكر أصابه من الانحراف عن خصائصه الأصلية التي تكونت بالدفع القرآني ما عطل فيه القدرة على تبين المسالك الصحيحة سواء في مستوى الفهم لإدراك الحقيقة النظرية، أو في مستوى التخطيط لرسم المشاريع العملية، وهو ما بيناه سابقاً في حديثنا عن انحراف المنهج كعائق من عوائق التحضر.وإذا كان النهوض الحضاري رهيناً لخطط سليمة تتصف بالحقية النظرية والعملية ضرورة أن العافية لا تدب في الجسم الحي إلا بخطة علاجية مبنية على أصول من الحق النظري في وصف الدواء والغذاء ولحق العملي في ترتيب المقادير والأزمنة بحسب واقع الجسم، إذا كان الأمر كذلك فإن جسم هذه الأمة لا تدبّ فيه الحياة الحضارية إلا بتسديد الفكر الذي يرسم طريق حياتها، ويوجه سيرها، وكيف لسفينة أن تقلع بأمان وربانها لا يملك من خصال الخبرة ما يقدر به على أن يوجهها الوجهة الصحيحة للإقلاع؟تناول الكتاب التعريف ببعض القضايا الإسلامية الضرورية للصحوة العلمية الاكاديمة بغرض الوقوف أمامها مليا وتناول المختصين لها بالعناية الواجبة ، والجهد اللازم ليخرجوا منها بمواقف واضحة ورؤية مستبصرة للحاضر والمستقبل .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.