أهتم هذا البحث بفكر واحدٍ من عمالقة الاسلام، وهو قاضي القضاة عبد الجبار المعتزلي الذي يمثل جهده خلاصة فكر المعتزلة. وحينما يذكر القاضي عبد الجبار يتبادر الى الذهن هلاق من عمالقة الفكر الاسلامي الاصولي، فالقاضي يعد كنزاً فكرياً ثراً رفد الفكر العربي العقلي، واللغوي بروافد متعددة. إذ أن مجالات فكره ذات مشارب عِدَّة، وهذا التعدد يجعلك تجتهد لمعرفة أفكاره ومعتقداته، إذ يُعَّدْ القصد من المواضيع التي أكد عليها المعتزلة بصورة عامة والقاضي عبد الجبار المعتزلي بصورة خاصة، وربطها ربطاً وثيقاً بالمواضعة لتحقيق دلالة اللفظ المفرد والمرَّكب، إذا أكدوا أنَّ المواضعة في اللغة يكون وجودها مع نشأة اللغة، أما القصد فإنَّه يتحقق بالإستعمال.ونرى القاضي يؤكد على الفصل ما بين الكلام الآلهي الذي يتصف بالحكمة والقدرة، وكلام البشر الذي يحتاج إلى المواضعة والقصد من قبل الشاهد (المتكلِّم) لكونه خاضع لقوانين اللغة ولا يخرج عليها، ويعطي القاضي للمتكلم دوراً كبيراً في تحقيق القصد، ويعد الركن الأول من أركانه، فضلاً عن أهمية الرمز والمدلول في إيضاح القصد وبيانه، من أجل الوصول إلى الدلالة اللغوية الفائقة في الوضوح والبيان.